لم أكن أبدا قارئة جيدة للشعر العربى لكنى طالما تمنيت ذلك. كثيرا ما سمعت أبياتا من الشعر على لسان البعض كانت تدفعنى دفعا إلى أن أقف أمام مكتبة المنزل باحثة عن ديوان لهذا الشاعر الذى التقطت أذناى أحد أبياته. كنت أجد متعة كبيرة فى تأمل كيف يستطيع إنسان أن يصوغ أجمل و أعمق المعانى فى كلمات قليلة بإيقاع جذاب ... ثم ما أجمل أن تقرأ هذه الكلمات بصوت عال كى لا تحرم أذنيك من المتعة التى ذاقها عقلك، و لكنى فى النهاية لم أكن أكمل قراءة الديوان ... أحيانا كنت أكتفى بعدة قصائد و أحيانا تكفينى عدة أبيات.
أذكر برنامجا كان يذاع فى إذاعة البرنامج العام و لعله مازال مستمرا حتى الآن، البرنامج اسمه ( قطوف الأدب من كلام العرب) و هو عبارة عن مجموعة من الأشعار و اللطائف الأدبية التى كانت تعجبنى للغاية و كنت أسجل بعضا منها لأعيد قراءته فيما بعد. هكذا كانت علاقتى بالشعر لا أكثر، و لم أتم قراءة ديوان فى حياتى إلا لاثنين: عبد الرحمن الأبنودى و الإمام الشافعى.
و عبد الرحمن الأبنودى لا يحتاج إلى متذوق جيد للشعر لكى يقرأه فكلماته تتسلل إلى قلبك رغما عنك ، و لك أن تقرأه أو تسمعه فكلاهما سواء. بل لعل الأصوب أن أقول: لك أن تسمعه ثم تقرأه كما سمعته
أما شعر الإمام الشافعى فهو ما أردت أن أكتب عنه و كما جاء فى مقدمة الديوان فإن " الشافعى لم ينظم قصائد طوالا و إنما جاء شعره كله مقطعات"، و هو لم يترك ديوانا و إنما جُمع كل ما نسب إليه من شعر فى ديوان واحد.
و أبيات الشافعى أسهل ما يمكن أن تحفظ من الشعر، و ما من بيت إلا و به حكمة تصلح أن تكون شعارا لحياتك.
و من أكثر ما أعجبنى من شعر الشافعى أبياته عن العلم و طلب العلم و مكانة العلماء
يقول الشافعى
لن يبلغ العلم جميعا أحد، لا و لو حاوله ألف سنة
إنما العلم عميق بحره، فخذوا من كل شىء أحسنه
و ما أشد حاجتنا لهذا المعنى و الوقت فى الحياة يضيق و يضيق و مجالاتها تتسع و تتسع بشكل قد تفقد معه اتزانك و تقع فى حيرة شديدة بين ماذا أتعلم، و ماذا أقرأ ، و ماذا أدرس، و ماذا أعمل
و للشافعى أبيات رائعة تتحدث عن الصبر على طلب العلم و هى أبيات لك أن تذكرها فى كل وقت تثقل عليك نفسك فترضى بضياع فرصة لتلقى العلم
يقول الشافعى
تصبر على مر الجفا من معلم، فإن رسوب العلم فى نفراته
و من لم يذق ذل التعلم ساعة، تجرع ذل الجهل طول حياته
و من فاته التعليم وقت شبابه، فكبر عليه أربعا لوفاته
حياة الفتى - و الله - بالعلم و التقى، إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق