
أذكر برنامجا كان يذاع فى إذاعة البرنامج العام و لعله مازال مستمرا حتى الآن، البرنامج اسمه ( قطوف الأدب من كلام العرب) و هو عبارة عن مجموعة من الأشعار و اللطائف الأدبية التى كانت تعجبنى للغاية و كنت أسجل بعضا منها لأعيد قراءته فيما بعد. هكذا كانت علاقتى بالشعر لا أكثر، و لم أتم قراءة ديوان فى حياتى إلا لاثنين: عبد الرحمن الأبنودى و الإمام الشافعى.
و عبد الرحمن الأبنودى لا يحتاج إلى متذوق جيد للشعر لكى يقرأه فكلماته تتسلل إلى قلبك رغما عنك ، و لك أن تقرأه أو تسمعه فكلاهما سواء. بل لعل الأصوب أن أقول: لك أن تسمعه ثم تقرأه كما سمعته
أما شعر الإمام الشافعى فهو ما أردت أن أكتب عنه و كما جاء فى مقدمة الديوان فإن " الشافعى لم ينظم قصائد طوالا و إنما جاء شعره كله مقطعات"، و هو لم يترك ديوانا و إنما جُمع كل ما نسب إليه من شعر فى ديوان واحد.
و أبيات الشافعى أسهل ما يمكن أن تحفظ من الشعر، و ما من بيت إلا و به حكمة تصلح أن تكون شعارا لحياتك.
و من أكثر ما أعجبنى من شعر الشافعى أبياته عن العلم و طلب العلم و مكانة العلماء
يقول الشافعى
لن يبلغ العلم جميعا أحد، لا و لو حاوله ألف سنة
إنما العلم عميق بحره، فخذوا من كل شىء أحسنه
و ما أشد حاجتنا لهذا المعنى و الوقت فى الحياة يضيق و يضيق و مجالاتها تتسع و تتسع بشكل قد تفقد معه اتزانك و تقع فى حيرة شديدة بين ماذا أتعلم، و ماذا أقرأ ، و ماذا أدرس، و ماذا أعمل
و للشافعى أبيات رائعة تتحدث عن الصبر على طلب العلم و هى أبيات لك أن تذكرها فى كل وقت تثقل عليك نفسك فترضى بضياع فرصة لتلقى العلم
يقول الشافعى
تصبر على مر الجفا من معلم، فإن رسوب العلم فى نفراته
و من لم يذق ذل التعلم ساعة، تجرع ذل الجهل طول حياته
و من فاته التعليم وقت شبابه، فكبر عليه أربعا لوفاته
حياة الفتى - و الله - بالعلم و التقى، إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته